إذا ما فقد الحب بين المرأة والرجل، كسرت العلاقة الزوجية، وضاعت الأسرة وإن بقيت العلاقة “الإدارية المالية التنظيمية” بينهما لمدة قد تقصر أو تطول.. فالحب لحام الزواج وهو لحام الأسرة.. وقد غرس حب الرجال للنساء وحب النساء للرجال في القلب.. فطرة وفتنة.. أي لحمة للجماعة وعقبة في طريق الإحسان.. وغرس حب “الأولاد” في قلب الأم والأب فطرة أبدية من لدن رب العالمين الحنان الودود…
وحتى من كان عقيما، فحب “الأولاد” قد يدفعه لتبني “أولاد” -أو الإحسان إليهم- وبذلك يزيد في لحمة المجتمع..
فما علاقة هذه الفطرة بالإسلام؟ وما علاقة الحب بين المرأة والرجل.. وحب الأبناء بالإسلام وبالأمة الإسلامية؟
إنه السهل الممتنع: ممتنع لطغيان العادة أولا.. ولتمييع معنى “الحب” ثانيا..
أما الحب فهو شرط الإسلام الأول.. فالإسلام أركان ظاهرة وإيمان وإحسان..
فمن اكتفى بالأركان الخمسة 5 الظاهرة -فأدّاها بشكل أوتوماتيكي اعتيادي- أحال دين الله طقوسا.. وتقليدا من التقاليد.. وحينها قد تغلب التقاليد الأركان كما سنرى في حلقات قادمة..
ومن سعى إلى درجة الإيمان وحاول اكتساب الأركان الإثني والسبعين 72 الباقية (ليكمل شعب الإيمان ال 77) , عليه بالحب أولا…
فالحب هو مدار شرط الصحبة والجماعة: فشعب هذه الخصلة “حب في حب في حب”…
حب الله ورسوله.. وحب المؤمنين.. والزواج.. أي حب الأسرة الطينية قبل حب الأسرة الإيمانية.. ولا سبيل لهذه بلا تلك…
نعم الزواج من شعب الصحبة والجماعة.. : أو ليس الحب في الأمة -الجامع لها- أوله حب بين خليتها الأولى: الأسرة؟
أو ليست أول صحبة لنا هي صحبة لوالدينا؟ وهما “زوجان”.. ذكر وأنثى.. وأول تربية لنا منهما؟ (و”صاحبهما” في الدنيا معروفا)..
وإن الصحبة والجماعة شرط لازم في التربية والسير إلى الله.. سبحانه عز وجل..
الأسرة لبنة الأمة..
الأسرة أمة..
فكيف تكون الأمة ملتحمة إن تنافرت لبناتها وتناثرت؟
بل كيف تحب في الله أخا لك.. ولا تحب زوجك أولا..؟
إن فاقد الشيء لا يعطيه..
وإن الكلام عن المحبة بين الإخوان يبقى “كلاما”.. إن لم تكن قادرا على محبة أقرب الناس إليك سكنا وسكنا..
ثم أليس الزوج -امرأة ورجلا- أخا وأختا لك ؟.. ما هذه اللاييكية.. ؟
إننا كي نستحق ونصل إلى أن نكون “خير أمة”، علينا أن نصبح “خير رجال” و”خير نساء”..
والخيرية ليست طقوسا تعبدية جسدية -واجبة لكن غير كافية، كما يقول الرياضيون، لبلوغ مراتب الرجال- إنما معيار خير الرجال النساء.. الحب.. أولا.. وآخرا ووسطا.. :
1- خير الرجال خيرهم لامرأته.. “خيركم خيركم لأهله”. الحديث.. وخير الرجال في نظر المرأة من يحبها وتحبه.. وخير الرجال من يدفعه حب إخوانه لزيارتهم وإن بعدوا..
2- خير النساء الودود (١).. والود حب.. والتودد إحسان الحب…
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه أنه قال :
“أَلَاْ أُخْبِرُكُم بِرِجَالِكُم فِي الجَنَّةِ ؟!
النَّبِي فِي الجَنَّةِ ، وَالصِّدِّيقُ فِي الجَنَّةِ ، وَالشَّهِيدُ فِي الجَنَّةِ ، وَالمَوْلُودُ فِي الجَنَّةِ ، وَالرَّجُلُ يَزُورُ أَخَاهُ فِي نَاحِيَةِ المِصْرِ – لَاْ يَزُورُهُ إِلَّا لِلَّهِ – فِي الجَنَّةِ”.
“أَلَاْ أُخبِرُكُم بِنِسَائِكُم فِي الجَنَّةِ ؟!
كُلُّ وَدُودٍ وَلُودٍ ، إِذَا غَضِبَت أَو أُسِيءَ إِلَيهَا أَو غَضِبَ زَوجُهَا ، قَالَت : هَذِه يَدِي فِي يَدِكَ ، لَاْ أَكْتَحِلُ بِغُمضٍ َحتَّى تَرضَى”.. الحديث. (١)
فكيف تكون الأمة “خير أمة” بدون “خير رجال” و”خير نساء”.. يتوددون بينهم أولا..
والله ثم والله ثم والله لا مستقبل للأمة -مهما كثرث الأعداد ومهما “قويت” التنظيمات “ظاهرا”-.. إلا بمؤمنين حقا.. ولا إيمان إلا بالحب…
ووالله “.. لا تؤمنوا حتى تحابوا”..
قال رسول الله ﷺ: “لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا..”…
شرط وأي شرط للإسلام.. الإسلام الحقيقي.. (لا أركان الإسلام فقط.. بل الإسلام/الإيمان.. الإسلام/الإحسان..)…
أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.. صلى الله على حبيب الله وسلم..
“حب”.. لا مجرد دين “طقوسي” والقلب فارغ من الحب.. حب الناس أولا.. ثم.. نجلس بعدها ونتحدث عن -بل نعيش- الحب الحقيقي لله ورسوله… لا مجرد كلام تلوكه الألسن.. ولا تلوكه القلوب.. القلوب التي هي مقر الحب…
ملاحظة: جعلت “الأولاد” و”الوالدين” بين هلالين لغرض في نفسي أبينه في الحلقات القادمة..
والسلام عليكم ورحمة الله..
—————ه———–
(١) روي من حديث أنس وابن عباس وكعب بن عجرة رضي الله عنهم .