“الدعوة إلى الله” مصب شعب الإيمان البضع والسبعين..
هي الشعبة السابعة والسبعون من شعب الإيمان..
ما علاقتها بالذوق السليم ؟
أن تدعو الناس وجب أن تكون “منهم”.. وهذه النسبة لا نراها بضيق القبلية ولا الجنسية وإنما بسعة الانسانية.. سيما في بدء الدعوة في بلد غير مسلم..
فقد أرسل رسول الله قرشيين إلى اليمن وغيرها وأرسل كتبا إلى دول أخرى لا تجمعها بالجزيرة العربية لا عادات ولا لغة ولا دين موحَّد ولا سمت..
لكن تجمعهم الأخوة الانسانية..
ومن الذوق مراعاة هذا المشترك واستثماره بتقارب وزيال -في الوقت نفسه- حتى لا يسقط الداعي في الإمعية والذوبان في الآخر..
في هذه الحلقة نبرز نماذج نراها سلبية حتى نتجنبها وحتى نقيس عليها إذا ما عرضت علينا حالات مماثلة :
1- “تعريب” إسلام دولي.. عالمي..
عندما نقول “تعريب” فإننا لا نعني بها اللغة العربية الشريفة.. وإنما حصر الاسلام في بيئة معينة.. بيئة نشأ فيها أو بيئة ترعرع فيها..
وهذا اختزال لعالمية الإسلام..
مرادفات “تعريب” التي نعني عديدة بعدد الدويلات المسلمة المتفرقة.. بل وبعدد قبائلها…
نعني ب”تعريب” الإسلام، “تتريك” كذلك.. و”فرسنة” أو “أيرنة”.. و”مغربة” و”جزأرة” و”تنسنة”.. و”مصرنة” و”أردنة” و “بكستنة” وهكذا.. نسبة إلى قوميات تركية وفارسية ومغاربية وباكستانية.. إلخ..
2- المساجد : ومن مظاهر هذه القومية الغالبة على الدين.. جنسيات المساجد في أوروبا بدءا من زخرفتها التي تنقل حرفيا -في الغالب- بيئة من موّلها أو اختياره لزخرفة تعجبه لا لزخرفة أوروبية محلية “منهم”.. وتتعدى هذه القومية إلى تحديد جنسيات أئمتها.. وجزء كبير من مرتاديها..
وسبق أن أوردنا صورا لمساجد رائعة في الصين تحترم الذوق المحلي وعاطفة ونوستالجيا الصينيين.. الذين لن يفقدوا كل هويتهم وتراثهم بإسلامهم..
3- الدعوة العامة المباشرة : من مظاهر إلصاق الإسلام ببيئة “أجنبية” عن البيئة المحلية سمت بعض الدعاة في المحافل العامة كحديقة “هايد پارك” بلندن مثلا.. في هذا السوق الدعوي، قد يرى المارّ الإسلام في جلباب الداعية الغريب فقط.. أو في قلنسوته.. أو في لحيته غير المصففة..
رجل يدعو إلى الإسلام بصدق حتما.. لكن سمته يدعو إلى بلده.. أو إلى زمن ماض مختلف.. مثالي غير واقعي براغماتي حاضر متحضر.. إلى ذلك “الشرق” الحالم الغريب في مخيلة المستمع.. العنيف في عين من يبلعون أكلات الإعلام السريعة بشوكها..
4- الأنشطة الإشعاعية : في معارض التعريف بالإسلام -المشكور منظموها- خارج حدود الدول المسلم أهلها، قد نجد جناحا مخصصا للحناء وآخر للشاي المغربي “المنعنع” أو القهوة التركية أو الحلوى الشامية أو المملحات الباكستانية..
وقد تجلب هذه الاجنحة فضول الأجانب عن هذه الثقافات.. [ بل نحن الأجانب هناك.. وهذا ما ننساه..].. فيرون الدين “فلكلورا” مغربيا جميلا.. يذكرهم بسفرهم إلى “الشرق” الساحر أو بمشروع سفرهم..
تنجح هذه الأجنحة في جلب الأنظار إلى “تراث” محلي أكثر مما قد ننجح في جلب نظرهم إلى دين “عالمي” جاء إليهم.. لا إلينا فقط..
وهناك مظاهر أخرى كثيرة نذكرها في وقتها..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
