مزالق ثلاثة تعترض الكادح إلى ربه كدحا ليلاقيه: الإسلام المنعزل “الزاهد” والإسلام الفكري والإسلام الحركي..
مزالق قد تحول دون -أو قد تؤخر- اكتمال التربية الإيمانية الإحسانية لجند الله..
نقف اليوم مع “إسلام الزهادة”..
من الناس من تميل نفسه إلى التقليد : تقليد بعض اتباع اتباع السادة الصوفية في كلامهم وفي سمتهم وفي بعض عاداتهم بل منهم من يحب أن يستعمل عباراتهم.. والله أعلم إن كان استعمالها ينبئ عن نفس الحال الذي استدعى التعبير المستعمل… فتراهم أو تسمعهم يستعملون كلمات من قبيل “الحضرة” و”العشق” و”مولانا” (بتكرار) و”الوله” و”القرب” و”الفتوحات” وغيرها..
وهي كلمات قد تفتن من يسمعها إذا ما خاطبناه بما لا يفقه.. فما بالك إن خاطبناه بما قد لا نفقه..
وقد تفتن قائلها فتوهمه أنه “محب” “واله” حقيقة (لا “حقيقة”) و.. “شرعا”…
لا نحب أن نستعمل أسلوب غيرنا لزمن غير زمانهم.. بل نحاول ما أسعفنا التوفيق واللغة استعمال أسلوب سهل مفهوم يمتح -ما أمكن- من كتاب الله وأسلوب الأنبياء والصحابة والحواريين المجاهدين..
فإن “من الناس من يَزعم أن السلوك إلى الله عن طريق الحب أمر إرادي يتحقق بدون اعتبار الأمر والنهي الوارد بهما الشرع. ويتحدثون عن المحبة والدنو والقرب والعشق والهُيام وسائر هذه المصطلحات، ثم تجدهم عند الأمر والنهي مُتلَكّئين مُتهاوِنِين. هؤلاء عابثون مستهزئون ٢، “لم يحققوا شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمدا رسول الله.
فإن تحقيق الشهادة بالتوحيد يقتضي أن لا يحب إلا لله، ولا يبغض إلا لله، ولا يوالي إلا لله، ولا يعادي إلا لله وأن يحبَّ ما يحبه الله، ويبغض ما أبغضه، ويأمر بما أمر الله به، وينهى عما نهى الله عنه. وأنك لا ترجو إلا الله، ولا تخاف إلا الله، ولا تسأل إلا الله وهذا ملة إبراهيم. وهذا الإسلام الذي بعث الله به جميع المرسلين” (ابن تيمية في الفتاوي ج 8 ص 337).
محبة الله عز وجل الصادقة بِبَراهينِها (١)، المـُوَفِّية لشروطها من جانب العبد، الفائضة من العزيز الحميد نُزُلا مُباركاً، جنة في الدنيا معجَّلة لأحباب الله. قال ابن القيم: “سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: “إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة” (الوابل الصيب ص 44).” (٢)
___________
١. ارجع إلى الحلقة السابقة “براهين الحب السبعة”
٢. كتاب الإحسان -الجزء الأول-الصفحات 173-174
