تضيع كثير من المشاريع الدعوية -في الظاهر- أو تتأخر بحجة كثرة الأشغال والوظائف “الخبزية” المنتهى.. وبذريعة قلة الوقت..
وفي حقيقة الأمر يضيع حاملها ويتأخر هو.. لا هي.. فلكل مشروع وقته وحامله الحقيقي بإذن الله.. في الوقت الذي يحدده الله.. جل الله..
ولا يوجد عذر حقيقي يبرر انعدام التخطيط والتنفيذ.. لمن يقضي ثمانية ساعات على الأقل كأجير في مكتبه أو عامل في ورشته أو تاجر في دكانه.. ذلك أن الوقت سلعة تشترى كباقي السلع..
ما ينقص كثيرا من الناس هو الهم الدعوي.. هذا الهم المقيم رزق من عند الله لمن صحب المؤمنين المجاهدين وتشوف ليصير معهم ثم منهم ولم لا مثلهم.. جذوة يقذفها الله في جنده فلا يقر لهم قرار حتى يخرجوا رسالته إلى العالم كل بحسب اختصاصه.. وبغير اختصاصه.. وبحسب توفيق الله لهم قبل ذلك وأثناءه..
لا تحتج أخي بضياع وقت طويل في مهنة هي سبب في جلب الأكل لأهل بيتك..
ثمانية ساعات لجلب أكل يؤكل في نصف ساعة.. يبدو الأمر غريبا إن توقف عند هذا الحد كما يحدث لأكثرالناس..
لكن إن أخذت من فضل مالك ماتساهم به في مشروع دعوي -مخطط له سلفا- يقوم به غيرك.. أخوك.. ويكتب لك وله ولإخوانك..
أيها العامل أمام سندانه أو ماكينته.. أيها التاجر الذي لا يتوقف عن “الجري” من أجل “طلبية” الله مرسلها من حيث لا تحتسب.. أو زبون يختار دكانك انت بالذات بغير حول منك أنت ولا تخطيط.. أَخرِجوا من “دوامة جريكم” (rat race) نصيبا تساهمون به في مشاريع يقوم بها إخوانكم ممن لا تنقصهم المهارة ولا ينقصهم الوقت.. اشتروا الوقت.. من أجل إبلاغ كلمة الله العالمية… بإبداع وإتقان..
والأجمل أن تجمع بين الحسنيين : جهاد بالنفس (وقتك)، وجهاد بالمال (وقت غيرك)..
وليس المشروع بالضرورة -في بلد مسلم شعبه.. جائر حكمه مثلا- بناء مسجد يقفل بعد كل صلاة.. مثلا..
إنما الدعوة مخطط له أهداف ومحاور ومسؤولون عن كل محور وآجال لكل محور وميزانية محددة..
فلا عذر لمن يختبئ وراء شماعة الوقت.. ويهدر عمره.. رأس ماله..
إن الدعوة ليست وظيفة بدوام جزئي (part time job) أو “شغل بعد الظهر”.. كما يقول أهل مصر..
إنما الدعوة وظيفة بدوام كامل (full-time job).. وبعقد عمل دائم ( permanent work contract).. أو بعقد مناولة يزيد في الاستفادة من الوقت والمردودية والجودة..
ملحوظة : إن استعمال كلام التجارة في عنوان وفي نص يعرض لأساليب الدعوة إلى الله قد يبدو غريبا.. لكننا نقرأ في كتاب الله استعارات لمفردات التجارة:
– (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ) (فاطر – 29)
– (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (البقرة – 245)
