بسم الله الرحمن الرحيم
“ما العلاقة بين المنهاج النبوي والسنة النبوية؟” (الحلقة
:
” الاجتهاد مسألة حكم : المجتهد وصناعة القرار”
ألفنا أن يجتهد المُفتون في إطار محدد لهم من طرف السلطة الحاكمة.. حتى إذا ما بزغ رأي شجاع هنا أو هناك، لم يكن مُلزِما إلا بقدر ما يُقِرُّه الحاكم أو يلتزم به من شاء من الناس..
لا قرار للمجتهد ولا سلطة للتنفيذ..
فهو على الهامش في حكم الجبر.. لأن الدولة هي المركز.. والدعوة تابعة لها.. وزارة فقط رئيسها رأس الدولة.. لا الله تعالى..
لكن المجتهد في منظور المنهاج النبوي حاكم.. صانع للقرار.. موجه للدولة..
أو ليس المنهاج علما وعملا مترابطين.. خطة وتنفيذا.. دعوة ودولة.. (1)
دولة في خدمة الدعوة..
لا العكس..
جاء في الحديث الشريف أن الاجتهاد فعل الحاكم..
مسألةحكم..
كما كان الخلفاء يجتهدون.. ومن معهم..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر». رواه البخاري ومسلم رحمهما الله عن عمرو بن العاص رضي الله عنه، ورواه غيرهما.
يقول الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله، مكتشف المنهاج النّبوي ومؤثل علومه :
“كانت الدعوةُ مسلوبةَ الإرادة، محصورةً في الأمور الجزئيَّةِ، مصروفَةً عن التدخل في الدولة. وهي اليوم تحت الحكم الجبري المسعور أشدُّ ما كانت سلبا، وأضيقُ ما كانت حصرا، وأبعدُ ما كانت صرفا.
(…) حريةُ الاجتهاد تبقى حلْماً إن بقي الحكمُ في أيْدٍ غيرِ معترفة بأنَّ الحكمَ ليس إلا لله، ومُسْتبدةٍ بالكلمة والقرار، غيرِ مستعدة لإشراك أحد من علماء الأمة فيه.
وعلى هذا يكون أبُ الاجتهاد وأمُّه هو اجتهادٌ يوصلُنا إلى الحكم. إذ على كوننا حكاما يترتب حقُّنا في الاجتهاد، وتترتب إمكانيَّةُ تطبيق ما نجتهدُ ونستنبط.
فلو جمعنا من الاجتهاد الفرعي أسفارا، ووضعنا لكل سؤال أجوبة على الورق، وكان الحكم في يد غيرنا لكان ما في أسفارنا وأوراقنا بمثابة الهباء المنثور، والعبث المقهور.” (2)
تحذير: ما أكتبه في هذه السلسلة نتيجة فهم شخصي فقط.. فأعينوني بما أفاض الله عليكم به من علم.. وقوموني إن أخطأت.. فالدين النصيحة..
______________________
(1) الإمام عبد السلام ياسين – “مقدمات في المنهاج” – ص 37 بتصرف.
(2) الإمام عبد السلام ياسين – “إمامة الأمة” – فقرة ‘إذا اجتهد الحاكم’ -ص 213-214
