بسم الله الرحمن الرحيم وبه أستعين
كنت أتجنب حضور أو تقديم تدريب التواصل على سهولة المادة المقدمة لأسباب أولها سهولة عرضها ونمطيتها والتقليد الحرفي الميكانيكي في ترجمتها عن الغربيين.. وبخاصة.. سطحيتها..
ما كنت مقتنعا بالمادة شكلا ومضمونا.. ولا أزال..
١- يبدأ العرض غالبا برسم وصفي بديهي يبين المرسل والمرسل إليه وبيئة الاتصال وبسهم يشير إلى رد الفعل أو ما يترجم بشكل حرفي بدائي “التغذية الراجعة” (feedback)..
٢- ثم يأتي رسم بياني إحصائي يبين أهمية تأثير التواصل غير اللفظي ويليه التواصل اللفظي ويبين قلة تأثير محتوى الرسالة مقارنة مع نبرة الصوت.. وقد تعرض التعاريف تفريعية كالتفصيل بين التواصل الثنائي (interpersonal) والجماعي (group) والعام (de masse).. إلى آخر التقسيمات.. والنماذج والنظريات..
٣- ثم يعرض جدول يحتوي على أخطاء التواصل من الجانبين كأن لا تبدأ بقول “لا”.. لتظهر “إيجابيتك”.. وأخطاء أخرى تعرض بشكل مجزئ لا يوجهه مرجع أوخيط رابط لما يجب أن يكون عليه التواصل المثالي.. ثم يأتي تعليق بأن مسؤولية إيصال المعلومات بشكل صحيح ومفهوم يقع على المرسل (بكسر السين)..
٤- وقد يستفيض المدرب في بعض “التقنيات” و”الوصفات السحرية” التي يبحث عنها المتدربون المبتدؤون بنهم المستكشف.. كتفصيل النماذج والنظريات وأسماء مكتشفيها.. أوقياس مسافة التأثير وحدودها.. وعلاقة فتح الذراعين بانفتاح الشخص والعكس.. واتجاه النظرات.. وتفسير تعابير الوجه.. بل وحتى تقاسيمه التي توحي إلى الشخصية.. فيبدأ في قياس بعد الأذن عن الأنف وشكلها لمحاولة فهم شخصية المخاطب.. واستدارة وجهه أواستطالته.. ووضعية الجسد وحركات اليد وتأويلات يستند بعضها إلى ملاحظات أو إحصائيات لا تخلو قراءتها من التأويل الذي يصل التعميم والتكلف فيه حد التعسف الباعث على التصنع.. بل إلى ما يشبه الكهانة والتنجيم أحيانا..
وإن كانت هذه المعطيات جديرة بأن يعرفها من لم يعتد قراءة كتب التسيير.. إلا أنها تبقى في نظري أولية.. سطحية.. خصوصا لمن ينشد تدريب جند الله وإعدادهم.. لأهم مهمة تواصلية :
أحسن القول :
الدعوة إلى الله :
مصب شعب الإيمان..
إيصال كلمة الله.. تواصل من نوع خاص.. بقنوات خاصة.. وبيئة خاصة..
٥- ثم تأتي -لدى بعض المدربين ولا أعمم- “موضة” إضافة “لمسة إسلامية”.. سطحية خفيفة.. لتناسب مرجعية الحضور.. كمن يضع ختم “حلال” على عرضه.. في تكلف مخل.. لا يأخد الإسلام مرجعا.. بل يأخذ ما أثله الغرب كمرجع ثم يحاول أسلمته..
وسنأتي في الأجزاء القادمة إلى عرض بعض أمثلة التكلف قبل الدخول إلى صلب الموضوع : التواصل المثالي المنهاجي الفعال..
(يتبع)..
