عندما بدأنا حلقات التواصل بنقد سطحية عرض الموضوع، فإننا لا ندعي امتلاك البديل الكامل، إنما هدفنا في “فقه الريادة” أن نبحث في منهاج الأنبياء (كونهم أكبر قادة مؤثرين عرفهم التاريخ بغض النظر عن تصديق القارئ عبر العالم لرسالتهم) لنسائل الطرح الحالي لمنظري التسيير والقيادة المنقطع عن الوحي أو المتمسح بمعتقدات أسيوية تعترف كتبها بانقطاعها عن عالم الآخرة أو المعتمد على دين كنسي محرف كما يعرف ذلك -عن علم- أكبر أتباعه ودارسوه (وكما سنبين في برنامج “كلمة سواء” إن شاء الله).
لا زلنا نبحث.
وما هذه الحلقات -والكتب التي ستتبع إن شاء الله- إلا تحريض للمؤمنين على البحث في هذا المجال مستندين إلى الوحي.. وبالضبط إلى “المنهاج النبوي”..
فالمنهاج النبوي قد سهل علينا مقاربة بعض جوانب الوحي ومعرفة طريقة تسيير الأنبياء -جزئيا بالنسبة لنا نحن- في أدائهم لمهمة إيصال الوحي إلى الناس..
فتح رباني اتحف الله به ذاكرا مجاهدا قائما بالعدل.. فأثل المنهاج النبوي.. جمع فيه ما كان متفرقا في المساند من شعب الإيمان ورتبها في اتجاه امتلاك الرائد (والداعي هو رائد القوم الذي لا يكذبهم) للقوة الذاتية التي تمكنه من استحقاق دوره لخلافة الأرض..
منهاج “تربية روحية” -لكنها- تربية محكمة منظمة تنظيما يمنعها من التحليق الخرافي الأسطوري “السحابي” العاطفي فقط.. الذي وقعت فيه المعتقدات التي يرجع إليها منظرو التنمية البشرية والتسيير والقيادة كالبوذية والهندوسية والطاوية والشنتوية ونصرانية “بولس” (التي لا علاقة لها بإسلام سيدنا عيسى عليه السلام) وحتى بعض الانحرافات التي يدخلها الأجانب تحت اسم التصوف والتصوف الحق بريء منها..
فنحن نعتبر كتب (جمع) المنهاج النبوي وتسجيلاته أصلا لعلوم التسيير والقيادة ومرجعا..
ونعتبر كتاب “المنهاج النبوي: تربية وتنظيما وزحفا” أهم كتب القيادة والتسيير.. وما عملنا إلا محاولة لإخراج درره بلغة يفهمها المتخصصون والمتابعون..
مثلا.. عندما نقرأ عن طريقة مخاطبة الرسول الخاتم لأصحابه وعن حيائه.. نرى أنه كان لا يواجه مباشرة -“أحيانا” وهذا مهم جدا- مرتكب الخطإ فيقول صلى الله عليه وسلم “ما بال أقوام..”..
يأخذ بعض الناس هذا الخلق الكريم -الغالب ربما- على أنه لا استثناء فيه..
والحقيقة أن رسول الله الكامل كان يواجه مباشرة كذلك.. كقوله لأحد الحضور مباشرة وأمام الناس ” أنت قلتَ كذا؟”..
فالمسألة التي استوجبت هذا الخطاب المباشر قد كان فيها من الكذب والاتهام والنفاق ما لا يحتمل الخطاب العام غير المباشر..
بل استحقت نزول الوحي ساعتها..
تحذير هام: التربية والحكمة
إن مسألة التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم رهينة بالتربية التي تلقاها من يدعي اتباعه..
وإن الحكمة في اختيار نوع الخطاب رزق من الله.. (ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كبيرا).. فاللهم آتنا الحكمة وفصل الخطاب..
فلا يتسرعن متسرع لاستعمال ما نقول خارج سياقه.. فيخاطب الناس -كل الناس، كل الوقت- بقوة وصراحة ومباشرة دون اعتبار للسياق.. ودون استكمال شروط التربية والحكمة.. فيجانب الصواب والأدب..
وسنعرض للقصة لنأخذ منها العبر..
في حلقة قادمة..
