عفّى زمن التسيير والقيادة على من يقرنون الطاعة بالخوف.. فالطاعة بالخوف غير مجدية.. وسياسة “جوّع كلبك ليتبعك” غير مستدامة..
لكن ما زال هناك من يجتر تسيير العصا والجزرة.. أو الخوف والطمع كٱليتين للقيادة.. للأسف.. برغم النهايات البئيسة المفجعة للجبابرة الصغار.. (هتلر. تشاوشيسكو. القذافي. صدام. وغيرهم -من قبل ومن بعد- كثير…) وبرغم أن البحوث والتجارب في التسيير تنحو باتجاه ما يسمى ب”القيادة بالحب”.. love leadership..
لكنهم يتحدثون عن “حب العاطفة” لا عن الحب الحقيقي.. “الحب في الله”.. وأنى لهم الذكرى فلا علم عندهم ب”محبة الصحبة”..
لكنها إرهاصات في الطريق الصحيح ربما.. في انتظار ان يهديهم “حب العاطفة” إلى “الحب في الله”.. “حب الصحبة”.. إن وجدوا دعاة فعلة.. محسنين.. صحبوا من صحبوا من صحبوا من صحبوا.. رسول الله..
صلى الله على حبيبي محمد..
نستعمل كلمتي”الحب” أو “الرحمة”.. وإن كنا نعلم أن هناك حتما من قد يفهم -بشكل لا قرٱني- كلمتي الحب والرحمة.. على أنهما ضعف..
مع أن الحب قوة.
بل هو مصدر الهمة والعزم والإرادة.. (انظر الحلقة 26 من فقه الريادة)
وإن تسيير وقيادة أكبر قائد في التاريخ أساسها الحب والرحمة..
ٱية القيادة في نظرنا هي :
{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } (159)
أي لولا الحب لما كان لك اتباع حقيقيون..
اتباع قادة.. لا أقنان خدم عبيد..
وحب من الله..
أي قوة من الله..
“فإن أحببته، كنت يده..” الحديث الصحيح..
فكيف بمن يقرن في القرن 21 بين القيادة والخوف والطمع.. عجب عجاب…
أخافتني جملة قرأتها هذه الأيام.. يقول مؤلفها ما معناه أن الأسس النفسية للقيادة هي “الخوف” و”التوهم” و”الطمع” عند الأتباع، إذ لولا الخوف لم يكن أمر ولولا التوهم لم تكن هيبة ولولا الطمع لم يكن ولاء.. !!!!!!!!!!!!!!!!!!
مناقضة المنهاج النبوي ب 180 درجة…
لا حول ولا قوة الا بالله.
لا حول ولا قوة الا بالله.
لا حول ولا قوة الا بالله.
ان الحب هو ما أدى بالمرأة “الصحابية” (من الصحبة!) أن تدفع حديد السيوف بجسدها حتى لا يصاب قائدها في “أحد”..
أي قوة وأي عزم هذا ينوء به الرجال..
في حين أن الخوف هو ما أدى برجال – عُبِّدوا بالخوف – إلى ان يخلعوا لباسهم العسكري عند أول هبة لعاصفة الصحراء.. ويهربوا.. ليتركوا “سيدهم” (لا قائدهم) الذي أقام حكمه على الخوف.. وحيدا.. شريدا..
ولإن عدم طاعة الأوامر قد تؤدي إلى انهزام جند الله في مواقع كثيرة.. فهي ركيزة في القيادة.. لكن الطاعة مشروطة بالمحبة والشورى.. وفيما لا يعد معصية للخالق..
في الحلقة ١٤٤ من مسلسل ارطغرل الذي يحاول إحياء “أمجاد” قيادة وراثية عاضة (مع إسقاطات على تركيا الحالية حكومة وأحداثا..)، يحاول الأب أن يشرح لأبنائه قرار عزل أحد أكبر قادته وأشجعهم لكن القصة التي حكاها لهم هي أقرب إلى الظلم و”الطوطاليتارية” منه إلى العدل المميز بين المذنب وغير المذنب والمعاقب بقدر الذنب لا المسرف في القتل غير المبرر..
والقصة سمعها الأطفال -أتراكا وعربانا ومسلمين وغيرهم- من بقاع شتى لما لقيه المسلسل من نجاح وانتشار.. وسمعها آباؤهم..
وقد تصنع هذه القصة وغيرها من بعض المنبهرين بحاكي القصة مستبدين ظالمين.. في مجالاتهم..
تقول القصة تقريبا أنه “كان يا ما كان.. قائد أراد أن يعلم جنوده الطاعة فطلب منهم، بعد أن رمى فرسه بسهم فأرداه قتيلا، أن يفعلوا نفس الشيء..
لم يستجب كل الجنود لحبهم لأحصنتهم.. فأعدمها جميعا..
عاود القائد الإعدام عدة مرات بنفس الشكل.. وبذلك ضمن طاعة الجنود الدائمة”
هو حتما تجنٍّ على القائد التركي الكبير.. لأغراض سينمائية.. في غياب شبه كامل لتفاصيل سيرة أرطغرل وبدايات قيام الدولة العثمانية..
إنللطاعة في المنهاج النبوي قيمة أساسية.. لكنها تكون بباعث المحبة أساسا وتكون الشورى فيها اساسية.. ولم يطع اصحاب رسول الله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طاعة عمياء في كل الامور برغم تفانيهم في حبه.. بل قال له أحدهم يناقش أمره في موقعة حاسمة لمستقبل الإسلام في الأرض : “أهو وحي أم هي الحرب والمكيدة؟” فغير القرار..
وأخذ صلى الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب برأي سلمان رضي الله عنه.. ولطالما قال رسول الله “أشيروا علي”..
نواظم القيادة الثلاث التي أغفلها كل من قرأنا لهم في فن القيادة والتسيير إلى الٱن.. وجمعها بتوفيق من الله الإمام الرباني المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله هي تباعا :
1- الحب في الله
2- الشورى والنصيحة
3- الطاعة
أسس القيادة الحقة.. لا الإدارة العاضة.. ولا التسيير الجبري.. وإن سماه أصحابه “قيادة” !!! كما سمى العاضون الملك العاض “خلافة”…
الخلافة الراشدة هي الريادة.. هي القيادة الحقة..
لا خوف فيها.. ولا طمع..
وإلا فاسئلوا ابا بكر وعمرا وعثمان وعليا… خير قادة الكون بعد الرسل..
كيف اسمع لمن يتحدث عن “الخوف” و”الطمع”.. وما استعملهما مع اتباعهم الرسل..؟؟
لا إله إلا الله…
لم يكن جند محمد -سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم- كالجيوش النظامية الحالية المنهزمة غالبا..
جيوش العض والجبر يعلمون الطاعة بالنار والحديد دون سؤال حتى غدا الأمر بديهيا.. تعليم قد يتخلله السب والإهانة وإهدار الكرامة وما خفي أعظم..
إن الخيل في نواصيها الخير.. كيف تأمر بقتل خلق الله أفراسا ثم أناسي كثير بدون داع.. إنه الهوى والتغطرس.. وإن كانت قصة.. إلا أنها تُستمد منها القدوة..
بل كيف لا يجرؤ أحد أن يسأل القائد عن دواعي أمره أو عن نتائجه…؟
لا تشبه القصة بتاتا قصة القرآن الكريم التي نهى فيها قائد جنده أن يشربوا من نهر.. لا ضرر نتج عن المسألة لا بالماء ولا بمن غرف غرفة بيده ولم يعاقب من شربوا بالإعدام بل ربما عزلوا مؤقتا فقط.. (بل لربما وقاهم ضرر الماء فجمع بين التعليم والوقاية والله أعلم)..
إن لعودة الخلافة الثانية شروطا: أولها التربية الإيمانية الإحسانية والتنظيم.. وللتنظيم نواظم ثلاث: 1- الحب في الله ثم 2- النصيحة والشورى ثم 3- الطاعة…
لا الطاعة فقط بلا مقدمات.. لا طاعة القطيع..
التي تصنع الطغاة..
وتنمي القطعان..
