سمعت هذا المثل لأول مرة من فم الإمام المجدد رحمه الله.. حكمة اتذكرها دائما عند تشخيص أداء الشركات..
فكثيرا ما كان يضحكني تفاخر أصحاب الشركات بأنهم استطاعوا توظيف إطار بنكي كمدير للمحاسبة وللمالية..
علما بأن الإطار البنكي -حسب وظيفته بالظبط- قد لا يفقه الشيء الكثير وحتى القليل في المحاسبة.. ولا حتى في المالية.. وأتحدث عن تجربة.. فقدشغلت المنصبين أعواما.. فاستخلص من هذا الخلط أشياء أخرى..
فخطأ صاحب الشركة أنه يخلط بين المحاسبة والمالية.. لأن القاسم المشترك بينهما في نظره.. “كثرة الأرقام”.. مع أنه.. قاسم مشترك حتى مع الفيزياء النووية..
وهذا التسرع والخفة في قرار استراتيجي.. يمكن تجاوزه باستشارة من لهم تخصص..
كان أولى أن يدفع لشركة توظيف ما يعادل أجرة شهر أو شهرين لتقترح من هو أجدر.. عوض ان يدفع أجرا لشهور وأعوام لمن ليس في مكانه المناسب..
وهكذا تعطى بعض المهمات الدقيقة والتخصثية في المؤسسات الربحية وغيرها دون دراسة سيرة المسؤول لمعرفة تخصصه وتجربته..
والنتيجة الحتمية.. الفشل أو التراجع أو على أحسن تقدير التعثر في الأداء..
تذكير مهم ؛ نذكّر أننا نتحدث عن مهمات تستوجب التخصص الدقيق أو مهمة تناسب شخصية معينة أو ميولا مميزا لعضو معين..
أما الإدارة العامة فقد يكون الموظف فيها غير متخصص لكن يجب أن يتمتع بالميزة النبوية في وضع المتخصصين في مكانهم.. بشكل دقيق..
فمسألة استشارة الخبير هنا ليست لتميز مطلق أو فهم زائد بل هي مسألة تخصص.. فقط..
لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم متخصصا في تأبير النخل فقال بأسلوب الظن “لعلكم” (أي “لعلكم لو لم تصنعوه لكان خيرا”).. ثم أكد بعد التجربة كما روته أمنا عائشة رضي الله عنها: “إذا أخبرتكم بشيء من أمر دينكم فإنما هو بوحي، وإذا أخبرتكم بشيء من أمر دنياكم فإنما أنا بشر، وأنتم أعلم بأمور دنياكم
خلاصة نصيحتنا اليوم : ادرس سيرة من ستوظف أو فوّض هذه الدراسة لمتخصص…
فإذا وكلت الوظيفة من ينقصه التخصص لخطإ في الاختيار أو لقلة الطاقات، وجب على من اسندت إليه المهمة الإخبارر بذلك والبحث عمن يكمل النقص ولِم لا اقتراحه كبديل له متى ما عثر عليه.. ليعمل هو ما يعرف وما ينتج.. كما تنازل ابو بكر اللمتوني عن الحكم لابن تاشفين في المغرب الأقصى ليواصل تخصصه الأرحب في فتح افريقيا.. فهذا القائد الفذ لم يضيع الغاية الأسمى من الحكم : الدعوة إلى الله.. فكان أن بارك الله دعوته فدخل الإسلام إلى خمس وعشرين 25 بلدا أفريقيا ووصل جنوبا إلى الكاميرون الحالية وغربا إلى غينيا بيساو..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في التركيز على التخصص وموائمة الوظيفة للتجربة والحنكة والشخصية.. (إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)
