بقلم : ريحان سليمان هاكيزيمانا (تسجيل صوتي)
“وبعد بضع سنين حصلت على عمل بمدرسة قرآنية ابتدائية..
أدرس الأطفال الصغار حروف الهجاء العربية والسور القصار و”جزء عم”..
كنت أتقاضى من أجل ذلك أجرا صغيرا في نهاية كل شهر..
كانت المدرسة في “كايانزا” التي تبعد مسافة ساعة ونصف من “بوجمبورة”.. قضيت بها ثلاث سنين.. إلى أن بدأ عهد “الديموقراطية” بانتخاب رئيس.. سيقتل بعد ثلاثة أشهر..
أصبحت الظروف آنذاك اصعب كثيرا*..
رحلت من بوروندي إلى تانزانيا.. كان والدي في تانزانيا.. لم يكن باستطاعته مساعدتي.. فقد كان لديه من الأبناء أكثر من عشرين ابنا..
بقيت في تانزانيا بضع سنين.. إلى أن استطعت شراء تذكرة طائرة إلى جنوب أفريقيا..
في جنوب أفريقيا عملت “مدرسا” للقرآن الكريم في معهد يدعى “جامعة العلماء”.. كنت أدرس من دخلوا الإسلام حديثا.. أعلمهم مبادئ الصلاة.. جنوب أفريقيا ليست بلدا مستقرا.. فمستوى الجريمة فيها مرتفع جدا..
في يوم من الأيام.. بعد صلاة العصر في مسجد بمدينة “دربن” حيث أقطن.. التقيت بأخي الحبيب الذي لن أنساه ما حييت.. “
——————
* كانت البلاد تحت الاحتلال البلجيكي وبعد الحرب العالمية الثانية إلى سنة استقلالها -١٩٦٢- كانت المستعمر يفضل أقلية التوتسي ويضعها في مراكز القيادة لعشرات السنين.. وكان هذا الميز العنصري الذي أسسه المستعمر الأوروبي الشرارة الأهم لما سيصير بعد ذلك أكبر مذبحة عرقية في افريقيا..
وكان لفرنسا دور في تأجيج الصراع وتمويل المتشددين.. ولقد كان تفجير الطائرة (الفرنسية) التي أقلت الرئيس الرواندي والرئيس البوروندي -بعد عقدهما للصلح في السادس من ابريل ١٩٩٤- بمثابة الشرارة التي أدت لاشتعال حرب إبادة أهلية في اليوم الموالى ستودي بحياة 800.000 شخص أو ما يقارب المليون شخص..
—-
** الصورة من الهجرة التي عقبت مذابح ١٩٩٤
