هل نكتفي بنطق غير المسلم للشهادتين.. فقط ؟ وهو خير كبير..
نبكي فرحا.. لرجوع انسان إلى فطرته..
ثم نترك المسلم الجديد يذهب إلى حياته الأولى.. وحيدا..
لقد قام الشيخ ديدات ومن بعده بعمل جبار.. لم نؤت من الواجهة التي كانوا يجاهدون فيها..
لكل تخصصه في الدعوة.. وكل مسير لما خلق له..
وعلينا -وعلى من يسير في درب من يجادل غير المسلمين- أن نتمم كلنا سير المسلم الجديد عبر مراتب الإسلام الثلاث (الإسلام فالإيمان فالإحسان).. احتضانا وتربية..
– كم كنت أود أن يكون الشيخ أحمد ديدات في صحة جيدة -عندما زرته- حتى أخبره ب “المنهاج النبوي: تربية وتنظيما وزحفا”.. وأفصل.. في تجربة ناشئة في بلدي..
ف”المنهاج” -منهاج النبوة- كلمة وردت في القرآن الكريم وفي السنة النبوية.. علينا السعي لاكتشافه.. لأنه على منهاج النبوة -وعليه فقط- تعود الخلافة، ثانيا وأخيرا..
وتعود العزة للإسلام..
قال الله عز وجل: {..لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا..} -المائدة 48- ..
وقال رسول الله ﷺ : “..ثم تكون خلافة على منهاج النبوة..”١.. بعد الملك الوراثي العاض (بما فيها الدول الأموية والعباسية والعثمانية) وبعد الديكتاتوريات الحالية في بلاد المسلمين..
ثم سكت رسول الله ﷺ..
– وحتى لا يقنع دعاتنا بالشهادتين حين ينطقهما الوافد الجديد إلى الإسلام..
– وحتى لا نقف عند الارتياح بدخول العشرات والمئات والآلاف إلى الإسلام..
ثم نتركهم.. يذهبون..
– وحتى لا يترك الداخلون إلى الإسلام حديثا بلا احتضان قلبي فيبقوا عرضة لدعاة التشدد والحرفية القاعدة الرجعية أو لدعاة الروحانية السلبية غير المغيرة الفاعلة.. أو لدعاة الفكر “الإسلامي” المريح الذي لا يتبعه تخطيط وإعداد وتنزيل.. ولا تواكبه تربية إيمانية للمفكر (وقد يكون منه فن مناظرة أهل الكتاب.. إن أخذ على أنه ترف فكري أو انتصار للنفس أو تفرج على مناظرة.. كمن يتفرج على فيلم جهاد فيظن أنه -بتفرجه- قد جاهد..)..
– وحتى لا يبقى المسلمون الجدد ضحايا لوسواس الشك كلما ظهر لهم من الإعلام أو من الواقع تشويه لصورة المسلمين.. فيبلى إيمانهم الأول كما يبلى الثوب..
– فحتى لا يبلى إيمانهم ولا يجدون من يجدد لهم دينهم.. ولا من يذكرهم أن الإيمان يتجدد بالذكر الكثير.. وبالصبر “مع” من يذكرون الله بالغداة والعشي.. ذلك الذكر الذي لا يواضب عليه أغلب المسلمين..
– ومن الذكر الإكثار من الشهادة.. والإكثار غير قولها مرة واحدة عند دخول الإسلام ولا عند التشهد في الصلاة فقط..
روي أن رسول الله ﷺ قال “أكثروا من شهادة أن لا إله إلا الله، قبل أن يحال بينكم وبينها..” ٢
شرح المناوي قائلا : أكثروا النطق بها على مطابقة القلب..
“نطق” و”قول” باللسان أولا..
قال رسول الله ﷺ “جددوا إيمانكم، قيل يا رسول الله: وكيف نجدد إيماننا؟
قال: أكثروا من قول لا إله إلا الله.” ٣
“أكثروا من [ قول ] لا إله إلا الله.”..
– وحتى لاتقف بعض المراكز الإسلامية -جزى الله الجميع على جهاده- عند أنشطة “التأليف” كالتعليم والمساعدات المالية (التي قد تصنع في بعض الدول الفقيرة ذهنية “المؤلفة قلوبهم” المنتظرين.. لا جند الله.. بالضرورة..) والأنشطة الاشعاعية والندوات والخرجات.. وفي كل خير..
لكن “القناعة من الله حرمان”..
– وحتى يعلم الناس أن التبليغ اللساني والعقلي جزء من المسألة فقط، لا كل المسألة.. ٤
– وأن الوراثة القلبية بالصحبة (من صحبة رسول الله وصحبة من صحب من صحبه إلى يومنا هذا.. وإلى يوم القيامة..) والتحاب في الله بين المؤمنين (جماعة) هي جوهر الدّين.. وأن أس التبليغ نورانية تتعرف عليها القلوب.. فتح وقبول.. يتأتيان بصحبة من صحبوا من صحبوا اصحاب رسول الله الذي وضع الله له غاية القبول في الأرض.. ٤
– وقد أخبر رسول الله ﷺ بتسلسل المدد القلبيِّ الفتحيِّ الحُبِّيِّ من بعده حين قال: «يأتي على الناس زمان يغزو فيه فِئَامٌ من الناس (جماعات) فيقولون: هل فيكم من صاحب رسول الله ﷺ؟ فيقولون: نعم! فيُفتح لهم. ثم يأتي على الناس زمان، فيغزو فِئام من الناس فيقال: هل فيكم من صاحب أصحاب رسول الله ﷺ؟ فيقولون نعم! فيُفتح لهم. ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال: هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله ﷺ؟ فيقولون نعم! فيُفتح لهم». رواه البخاري ومسلم والترمذي رحمهم الله عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.٤
– وحتى لا يصبح المسلمون الجدد “غثاء” سيل يضاف إلى الملايين الغثائية الحالية.. يفعل بهم ولا يفعلون..
– فنحن نريد نوعا جديدا من المسلمين.. حاملين الرسالة الخالدة إلى الدنيا..
لا محمولين..
– [ تحذير هام : لا يتدرعن أحدنا بصعوبة بلوغ هذا الهدف -هدف الاحتضان والتربية بعد الدخول إلى الإسلام- فيتلكأ في إيصال دعوة الإسلام إلى غير المسلمين.. فالتبليغ واجب على كل من سنحت له فرصة لقاء غير المسلمين وهو أوجب -خصوصا- على من يقطن مع غير المسلمين في بلادهم.. فليحذر أن يسأله جيرانه يوم القيامة: لم لم يبلغهم رسالة سيدنا محمد؟..]
– كم كنت أود أن أشارك الشيخ أحمد ديدات ما تعلمت من أن الدين الإسلامي ثلاثة مراتب : إسلام ثم إيمان ثم إحسان..
– وأن “حمر النعم” تنال كلما هدي المرء للإسلام كاملا.. فالعبرة من الحديث بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.. فأن تهدي “غير المسلمين” إلى الإسلام نوع واحد من الهداية.. لأن الهداية الى الإسلام الكامل تشمل كذلك هدايتك “مسلما مفتونا” أو “مسلما وراثيا” أو “مسلما فرديا” مكتفيا بنفسه وخلاصها.. إلى مراتب الإيمان والجماعة والعالمية والدعوة والسعي للمشاركة في الخلاص الجماعي للأمة والنهل من أبواب الجهاد كلها ونشدان مقامات الإحسان والقرب من الله..
لأن تهدي إلى الإيمان والإحسان “خير لك مما طلعت عليه الشمس”.. و”خير لك من حمر النعم”..
– فلا نحصر الهداية للإسلام في ركن الشهادتين.. وهو جزء واحد من 77 جزء من الإسلام..
– كم كنت أود أن أخبر الشيخ أحمد ديدات -الرجل العملي البراغماتي، مترجم القرآن الكريم إلى لغة الزولو- أن “المنهاج النبوي” الذي أثله “الإمام عبد السلام ياسين” ٥ رحمه الله وأعاد اكتشافه -معتمدا على القرآن والسنة- طريق عملي “لاعتناق الإسلام الكامل : الإسلام والإيمان والإحسان”.. حقيق بأن يترجمه واقعا في أرض الزولو وفي محاضراته وفي معهده (الذي جعل سمت الإسلام يبرز في بلد لم يتعد المسلمون فيه -وقتها- %2..) جزاه الله خيرا..
– وأن الشهادتين -وإن كانتا شرطا أول لدخول الإسلام- إلا أنها جزء فقط من المنهاج النبوي.. شعبتان أو ثلاث من بين شعب الإيمان السبع السبعين.. (واردتان في خصال الصحبة والجماعة والذكر والصدق)
– وأنه يجب علينا احتضان وتربية من يعتنقون الإسلام.. على الخصال العشر (التي تشمل شعب الإيمان البضع والسبعين).. كل يوم وكل ليلة.. وكل جلسة ورباط ووقفة.. وأن يبقوا مجتمعين حتى يتعاونوا على دينهم وتعلو همتهم.. حتى يصيروا جندا لله مسلمين.. ثم مؤمنين.. ثم محسنين..
أي.. خلفاء..
كما أرادهم الله حين خلقهم..
طالبين “للشهادة”.. في سبيل الله..
ولا نفهم الشهادة فهما ضيقا يختزلها في ميتة في معركة أو نحوها.. فهذه شهادة صغرى.. وإنما “الشهادة الكبرى” هي الشهادة وسط الناس بالقسط لدعوتهم إلى الله.. ليعبدوه كأنهم يرونه رأي العين..
-[ملحوظة:
لست في مستوى إعطاء دروس لأحد.. وخاصة لهؤلاء الفحول..
إنما هدفي الدلالة على وجود “المنهاج النبوي” (إخبار لا تقييم) حتى نشاركه -ونشارك تجربة عملية ناشئة في بلدي- مع العاملين في حقل الإسلام..
رأيت أن ذلك من واجبي..
ولا مجال لليأس والانهزام ولنوستالجيا “لو” في ديننا..
فقد أوصلت فكرتي وأرسلت المقال لتلامذته في IPCI .. وإلى الشيخ ذاكر نايك.. حفظه الله من مكر أعداء الإسلام..
وارسلت إليهم -بحمد الله- كتب “المنهاج النبوي” و”الإحسان” و”نظرات في الفقه والتاريخ” و”الإسلام والحداثة” بالانجليزية (winning the modern world)
وفي كل حدث خير: فلربما لو وجدت الرجل سالما معافى وتحدثنا.. ما كنت لأكتب هذا المقال فيصل إلى أكثر من واحد.. وربما يصادف من الرواحل من يأخد الأمر بقوة..
ولمن أراد المساهمة في هذه الدعوة بإرسال النسخة الورقية لكتب الإمام المجدد -رحمه الله- عبر البريد إلى جنوب افريقيا فسيجد عنوان الجمعية في مكان المراجع ٦ وليست هذه الجمعية معنية بالمقال وحدها.. بل كل العاملين في حقل الدعوة أينما وجدوا..].
________________
١. وردالحديث الخامس في جامع الأحاديث الصحيحة للشيخ الألباني رحمه الله
٢. حسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزياداته
٣. رواه أحمد والحاكم والطبراني
٤. من كتاب الإحسان (ج ١- ص ١٦٦-١٦٧) للإمام عبد السلام ياسين رحمه الله -بتصرف- (فقرة: “سنة الله في التابع والمتبوع”)
٥. موقع الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله :
٦. الجمعية الاسلامية الدولية للدعوة في جنوب افريقيا :
Islamic Propagation Center International (IPCI)
4th Floor, 124 Denis Hurley Street, 4091 Durban, Afrique du Sud
Tél : +27 31 306 0026
Fax : +27 31 304 0326
Mail: info@ipcisa.com
[هذا مثال فقط لجمعية واحدة.. فلا نكتف بالمثل.. ولنرسل المقال إلى جمعيات أخرى]..


