“التكسب والاحتراف” شعبة من شعب الإيمان السبعة والسبعين.. كما الجهاد بأبوابه..
مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلده ونشاطه فقالوا: يا رسول الله لو كان هذا في سبيل الله، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله..).. ١
الشاهد أن كل أعمال المسلم -إن كان هدفها الاكتفاء والاغتناء لعبادة الله وإعداد القوة لبناء الأمة- تصبح في سبيل الله.. فينجمع للمؤمن أمره وتصبح كل دقائق عمره عبادة في سبيل الله..
لكن هناك منزلقا.. فأغلب من واجهني بقولة “العمل عبادة” إنما كان يريد التركيز على “الوظيفة” الدنيوية المآل فقط لإخفاء كسله التعبدي أو عدم أدائه للفرائض والسنن على أحسن وجه.. أو لتبرير امتعاضه من توقف عماله عن العمل لتأدية الصلاة اثناء الدوام…
عندما يكون السعي على العيال ويكون إتقان الحرفة والتجارة بنية إعداد أموال وبنين من طينة الصحابة والمجاهدين المقتحمين.. تصبح المهنة والتجارة عبادة.. وتدربا.. كتدرب المجاهد الذي يعد للنزال.. أو كجامع التبرعات لشراء مؤونة الجند ولوازم الغزوة في سبيل الله..
وإن غاب هدف الإعداد من “المهنة” وأصبح هم العامل التسوق والأكل والمركب والسكن فقط (وهي ضروريات لكنها وسائل لا غايات).. فأخشى أن يكون بعادته هذه كمن وصفوا بانهم (ياكلون كما تاكل الانعام)..
وسنرى في حلقات قادمة كيف يخطط العامل ليصبح دخل المهنة والتجارة رافدا مهما يمول الدعوة إلى الله..
الخميس ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٠
________________
١ – الطبراني. صحيح الترغيب (1692) .
