“الشعبة الثالثة والخمسون: البركة في أرزاقهم
كما نحتاج إلى تأييد الله العام لنا في جهادنا نحتاج إلى تأييد خاص في ميدان الأرزاق. كان الصحابة رضي الله عنهم يشاهدون الملائكة تقاتل معهم فيزدادون قوة، ونحن قتالنا لا ينحصر في ميادين الجلاد لنخرج أعداء الله الصهاينة وغيرهم من بلاد الإسلام، بل يتوسع في ميادين التعليم والتصنيع والتنمية. نحن بحاجة إلى معجزة اقتصادية. وستكون لنا تلك الكرامة إن شاء الله ووفقنا لإعداد القوة ما استطعنا، لا نعطل الأسباب.
روى البزار حديث الخلافة على منهاج النبوة الذي ذكرناه أول هذه الفصول مع زيادة مبشرة نرجو الله عز وجل أن يجعلنا أهلا لها. فقد نقل الإمام الشاطبي أن البزار روى بسند حسن صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أول دينكم نبوة ورحمة. وتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله جل جلاله. ثم يكون ملكا عاضا، فيكون فيكم ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعه الله جل جلاله. ثم يكون ملكا جبرية، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله جل جلاله. ثم تكون خلافة على منهاج النبوة تعمل في الناس بسنة النبي، ويلقى الإسلام بجرانه في الأرض (ينتشر ويتمكن)، يرضى عنها ساكن السماء وساكن الأرض. لا تدع السماء من قطر إلا صبته مدرارا، ولا تدع الأرض من نباتها وبركتها شيئا إلا أخرجته».
وشرط هذه الكرامة الإيمان والتقوى. قال الله عز وجل: {َلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} (الأعراف، 96)
انظر كيف حلت نقمة الله المجسدة في أموال البترول على حكام الجبر، يملأون أبناك اليهود بها، يغذون ثعابين الصهيونية. وكيف عم الرخاء الزائف شعوبنا المضللة التي تحولت إلى مجتمع مستهلك رخو. يضيف الجبريون إلى هزائمهم العسكرية جريمة إفساد الأمة بإلهائها عن الحق، وإغراق أسواقها ببضائع اللهو والفساد والعبث. غثاء! وإنما تأتي البركة من السماء والأرض يوم تنبري الأمة بقيادة طليعتها من جند الله للجهاد في سبيل الله، تنكر العبث والاسترخاء، وتغير منكر التبعية للجاهلية، ومنكر الاستبداد الجبري ومنكر المناهج الضالة، تعمل بسنة النبي على منهاج النبوة، حكما واجتماعا، واقتصادا وثقافة، وتعليما وصناعة، وفلاحة وسلوكا عاما.
إنما تحل البركة على المؤمنين المتقين، وبساحة القوم المنذرين سوء العاقبة، الذين أهانوا الأمة وقتلوا فيها الرجولة”.
من كتاب المنهاج النبوي
للإمام المجدد عبد السلام ياسين -رحمه الله-
