المال كالماء! ينقطع فتشل الحركة وتتعقد الحياة أو قد تنعدم، ويتدفق بغزارة فيأتي على الحرث والنسل إن لم يوجه ويسري بقدر الحاجة والنفع.
تواطأت وفرة المال مع القساوة والغلظة المترتبتين عن سوء فهم الدين وانحصاره في خياري الحلال والحرام ففعلت ما تفعله النار بالهشيم وأصبحت أهم موارد الأمة المادية سلاحا مدمرا ينخر جسمها من الداخل تحت شعار الدعوة.
ما بين فيض ملايير الدولارات المسخرة لخدمة الحكم الجبري والفرد المسلم المنقطع عن مشروع يقظة الأمة واسترجاع قوتها تكمن ضرورة سلوك مسلك النبوة المتمثل في تربية منطلقها اجتماع على ذكر الله ومما تثمره من بذل الغالي والنفيس توقا للفوز العظيم.
وعن البذل ومدى مركزيته ومحوريته في مشروع الخلافة على منهاج النبوة يقول الإمام : “وقد كانت الخصال الثلاث الأولى من خصالنا العشر خصالا تربوية نفسية، وندخل بهذه الخصلة الرابعة في سرد الخصال التطبيقية العملية لننظر كيف ينتج عن تربية إسلامية عمل إسلامي” (1).
يخرج الفرد والجماعة من الغثائية بفضل التربية الملازمة لهما في كل أطوار ومراحل البناء وبعده وتزهد النفوس في حب التملك الذي جبلت عليه فتغدي أوصال الدعوة بالأموال اللازمة تحت رعاية تنظيم وزحف محكمين.
لطالما غابت معاني الإتقان في تدبير المال داخل حقل الدعوة فكان لزاما على جند الله توظيف أرقى تقنيات التدبير والحكامة لتجنيب سيرها قدما كوارث الماضي وتسلل مرضى النفوس.
(1) الإسلام غدا. الإمام عبد السلام ياسين. ص : 77
