لم تقتصر مهمة النبي الرسول على حمل الرسالة وتبليغها شفويا كما يفعل ساعي البريد.. بل يتحمل مهمات عديدة أهمها ما نقرأه في قوله تعالى : ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾1.
تشير الآية إلى أربعة (4) وظائف أساسية نضيف لها ثلاثة (3) أخرى مستمدة من القرآن الكريم كذلك، وهي :
1- التبليغ
2- والتربية (التزكية) وإنشاء جماعة
3- والتعليم
4- والحكمة: ونفهم منها كيفية التطبيق أو حكمة التنزيل..
5- النصيحة
6- الشهادة
7- العدل
“الدّين النصيحة”.. أضفنا وظيفة النصيحة.. لأنها من لبَّ رسالات الأنبياء والمرسلين عليهم السلام.. جاء في القرآن الكريم على لسان نبي الله نوح عليه السلام في خطابه لقومه : ﴿وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ﴾
ومجموع هذه الوظائف يؤول إلى صفة واحدة هي صفة المربي المعلم. وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم»..
فالدّاعي إلى الله الحقّ لا يكتفي بمقولة “قل كلمتك وامش”.. لكنه بعد أن يبلغ رسالة الله إلى غير المسلم أو إلى المسلم الفردي.. فإن عليه واجب الاحتضان والتربية وسط جماعة تتعاون على أمر دينها والمواكبة المستمرة والتعليم.. صحبة مستمرة..
ثم إن الله عز وجل يبعث رسله وأنبياءه، وخلفاءه وورثة أنبيائه ليقوموا في الناس بالقسط. .. ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ .. وإسلام الشهادة بالقسط غير الإسلام الفردي ، فهو الحضور والصبر في مواطن المسلمين والقيام أمامهم مثالا للصبر ومثالا للإيمان. والقِسط العدل.
ولا تقوم جماعة بشهادة القسط إن لم تحقق إيمانها بعد إسلامها، وإن لم يكن عمادها محسنون بلغوا قمة الكمال، فكانوا هم المرجع والمآل .
كل هذه الوظائف يرثها الدعاة العلماء العاملون..
فالتبليغ أو الدعوة .. وظيفة ورثة الأنبياء، لكنها إن لم تفض إلى إنشاء جماعة المسلمين وإقامة الدولة الإسلامية على دعائم الحق والعدل لا تقتفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بنى رجالا مؤمنين وبنى جماعة ودولة.
