بسم الله الرحمن الرحيم.. وصلى الله وسلم على أحباه ومصطفيه أنبياء وأولياء مجاهدين إلى يوم الدين…
عندما أسأل الناس في تدريب* حول المنهاج النبوي عن غاية الخلق تأتي الأجوبة مختلفة في الظاهر: فمن قائل “العبادة” أو “الاستخلاف” أو “الإحسان” أو “الابتلاء” أو “العبادة”.. ويجيب من قرأ هذه السلسلة: “الدعوة”..
ستة أجوبة مختلفة.. لا..
إن المسلم -الفردي الجغرافي وحتى بعض من انعم الله عليهم بالكينونة مع جماعة للمؤمنين- حين يقرأ (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون) قد تتبادر الى ذهنه العبادات المعروفة كالحج والصلاة والصيام والزكاة والصدقة وقيام الليل.. فلا يفهم -لوجود آية صريحة- أن أقول له في أول التدريب أن هناك غايتين للخلق: “غاية استخلافية” و”غاية إحسانية”.. قد يرى هذا التقسيم (الذي أخذته عن عارف بالله والذي وردت فيه آية صريحة: (اني جاعل في الارض خليفة)) يظن هذا التقسيم تكلفا.. ثم يقرأ عنوان هذه السلسلة فيزيد استغرابه..
وصعوبة الجمع فيما بين هذه الغايات في غاية واحدة ناتج عن فهم مبسط للعبادة (ناتج عن حصر الاسلام في مرتبة أركانه فقط.. مع ان الدين اسلام وايمان وإحسان كما في حديث سيدنا جبريل عليه السلام).. او عن استعارة لتفسير مضى قد يكون صحيحا لكن بفهم مختلف بحسب كل شخص -ليعبدون فسرت ليعرفون-.. ولا يتأتى فهم هذا التفسير -فعلا- إلا للعارفين بالله..
بعيدا عن التفسيرات.. واستقاء مباشرة من الوحي، يمكن التقريب بين هذه “الغايات لتصير “غاية واحدة” من خلال هذه المعادلات:
١- “ليعبدون” = “الإحسان” :
ف(الإحسان أن “تعبد” الله كأنك تراه) حديث صحيح.
الإحسان إذا “عبادة”..
“الإحسان أن تعبد”..
فما شكل هذه العبادة إذا؟
٢. أن تصل إلى درجة الإحسان عليك بالمرور الضروري من درجة الإيمان.. والإيمان بضع وسبعون شعبة.. منها خمسة شعب/أركان ظاهرة فقط (نظنها هي العبادة غالبا) و 72 شعبة أخرى تقريبا.. أولها الصحبة والجماعة وأعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ومنتهاها الشعبة السابعة والسبعون : “الدعوة إلى الله”..
وبذلك..
يكون منتهى “العبادة” (وهي مجموع 77 شعبة) = “الدعوة إلى الله” (الشعبة 77)
تصبح المعادلة إذا (مؤقتا):
الإحسان = العبادة => الدعوة إلى الله..
وهنا ربما يأتي فهم بسيط وجزئي لتفسير “ليعبدون = ليعرفون”..
فالعبادة دعوة إذ الدعوة تعريف ودلالة على الله ليعرف الناس (غير المسلمين) أن لهم خالقا..
وكذا دعوة العارفين بالله الموجهة للمسلمين حتى يعرفوا الله حق معرفته..
٣. ولأنه لا يمكن اكتساب كل خصال الإيمان إلا بمغالبة عقبات لاقتحامها.. إذ إن الجنة – حيث سنرى الله إن أذن سبحانه وتعالى اسمه – حفت بالمكاره.. فإن الابتلاء ضروري في هذا السير نحو الله..
وهنا تأتي آية (ليبلوكم أيكم “أحسن” عملا) لتوضح العلاقة بين:
“الابتلاء” = و”الإحسان”..
“أحسن” عملا.. إحسان..
تصبح المعادلة إذا (مؤقتا):
الابتلاء => الإحسان = العبادة => الدعوة إلى الله
٤. والله يورث الأرض عباده المحسنين.. (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)..
وبذلك تصبح المعادلة :
الابتلاء => الإحسان = العبادة => الدعوة إلى الله => الخلافة على منهاج النبوة…
استخلاف للمحسنين الذين ابتلوا فثبتوا.. فاستحقوا وراثة الأرض.. (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (الحج 41) :
.. أي : أقاموا دين الله كاملا: أركان إسلام وشعب إيمان.. ومقامات إحسان…
أي : أقامو دين الله كاملا.. أمرا ونهيا.. كما جاء في الآية كذلك…
أي دعوة ودولة..
والحمد لله رب العالمين..
____________
* عجل الله بخروجه إعلاميا للتعيم..
