قال الإمام المجدّد رحمه الله في كتاب إمامة الأمة متحدثا عن الغاية التي من أجلها خُلق الإنسان.
“إن لب الأمر كله الدعوةُ إلى الله، وما خلق الله من سماوات وأرض، وبر وبحر، وجن وإنس، ودنيا وآخرة، وما بعث من رسل وأنبياء، وما اصطفى من أصفياء وأولياء، فإنما خلق وبعث، واصطفى الهداة، ليعبده خلقه، ويعرفه على ما ينبغي لكماله من سبقت له العناية. وإن لب هذا الكتاب (يعني كتاب إمامة الأمة) هو هذا الفصل (فصل يتحدث فيه عن معرفة الله) الذي نعرض فيه لهذه القضية الضائعة بين سيل الكتابة السطحية عن الإسلام والحل الإسلاميِّ”.١
ولا تتأتى دعوة بلا تربية إيمانية إحسانية.. أي على منهاج النبوة.. يقول :
“إن الدعوة إلى الله عز وجل هي لبُّ الأمر كله، هي وراثة النبوَّة. والدعوة إلى الله غير الدعوة إلى الإسلام وإن كانت الدعوة إلى الإسلام بدايتها. وهي غير الدعوة للحل الإسلاميِّ في الحكم والسياسة والاجتماع والاقتصاد، وإن كان الحل الإسلاميُّ والجهاد لفرضه ونصرته بعضَ مُهماتِها، حين تكون دعوةً على المنهاج النبويِّ، وحين يكون الدعاةُ ورثةً جامعين. وهي غيرُ الدعوة إلى الإيمان وحلاوته، والذكر وتلاوته، والروحانية وكرامتِها، وإن كان كل ذلك بعضَ خصائصها.” ١
“الدعوة إلى الله، الطريق إلى الله، السلوك إلى الله، الدَّلالة على الله. هذه عبارات تروج على ألسنة عوامِّ القلب لا مدلولَ لها. وكيف يثبت لها مدلول مع الغفلة عن الله. تعالى الله.” ١
إن مرورنا على الأرض.. تاريخنا.. هو تاريخ الدعوة.. الدعوة ما يميزنا عن المخلوقات -نباتات وهوام وأنعام-..
يقول العارف بالله
“التاريخ لبه بعثة الأنبياء عليهم السلام لهداية الخلق. تاريخ مضى بعث الله فيه نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدا صلى الله عليه وعليهم وسلم. وتاريخ مقبل نكون فيه سائمة من الأنعام إن لم نتشبع بالرسالية التي أنطقت في بساط رستم ذلك الخارج من مسجده بقرآنه يبثها فصيحة واثقة قوية : «الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام. فأرسلنا إلى خلقه لندعوهم إليه.” ٢.
تسائلنا في هذا الكتاب عن انتسابنا لأمة الإسلام وقارنا وضعنا مع وضع من لم يصلهم الوحي.. أنحن في وضع أحسن من وضعهم؟ إن لم نوصل لهم رسالة الله التي أتتنا بغير جهد منا؟..
ونرجع في هذه الخاتمة إلى كلام العارفين..
” مهما كان فالمسيرة بدأت. مهما كانت الرحلة طويلة فالقافلة تحركت. وما الصحوة الإسلامية ومضة برق خُلَّبٍ نعوذ بالله. ما هي حديث خرافة نرجو الله. وما النصر إلا من عند الله.
والمنهاج النبوي بشر بخلافة على منهاج النبوة بعد عصور العض والجبر.
ومنهاج النبوة عالمية الدعوة وقوتها وهداية الله للخلق.
حضارة هاوية ولو بعد حين.
وقوة صاعدة ببركة الله رب العالمين.
والشرط الشرط، والمرض العارض فينا لابد أن يعالج.
والتكليف التكليف، وسنة الله لا تحابي أحدا ولا تستثنيه.
يُغلق في وجهنا الباب إن طرقناه بدلال انتسابنا لسلف صالح وأمة مرحومة ونحن لا نصلح لوراثة. ونُطرد إن تقدمنا لنيل الجائزة ونحن لم نعمل ولم نسابق ولم نجاهد.”. ٣
اللهم عفوك وعافيتك وفضلك..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..
١. إمامة الأمة 126
٢. محنة العقل المسلم ص 118
٣. نفسه ص 116-118
