بسم الله الرحمن الرحيم
“ما العلاقة بين المنهاج النبوي والسنة النبوية؟” (الحلقة 6) :
” ‘الفرض والنفل’ = ‘الخصال العشر’ = شعب الإيمان “
لاهتمام أكثر المسلمين بالفقه العبادي (الشعائري) الفردي الشخصي أصبحت كلمة “النوافل” تعني -أول ما تعنيه- رواتب الصلوات وسنن مناسك الحج وما زاد عن حق الزكاة والذكر الكثير بعد ترديد الشهادتين وصيام غير رمضان..
وغالبا ما تعني الفرائض صلب “أركان”(1) الإسلام الخمس..
لكن تعريف الفرض والنفل في إطار مفهوم الدين الإسلامي الشامل المشتمل على أركان الإسلام وشعب الإيمان والإحسان يكتسي صبغة أعم وأشمل..
بل ويشمل “الفرض والنفل” المستوجبان لحب الله كل أعمال المرء – من شعائر ومناسك العبادات الظاهرة ومن سعي وسائر الأعمال والوظائف اليومية بنية التقرب من الله وإعداد القوة لنصرة دينه – ويشمل سمته وأخلاقه.. ويشمل كل معاني الحياة..
في كلمة واحدة.. فالفرض والنفل يعني -بحسب ما نرى- كل شعب الإيمان السبع والسبعين.. التي قسمها الإمام المجدد إلى عشر خصال (2) ليسهل تذكرها..
وقد استقينا هذا الفهم من حديث الولي.. لأن غاية شعب الإيمان الاحسان.. أي حصول حب الله تعالى وجل..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شَيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ، وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ.” (3)
قال الإمام رحمه الله موسعا مفهوم الفرض والنفل : “فإذا كان الصوفي وظيفته التسبيح الفردي، ويترك سائر عمله عرضة لدواعي الجذب والغموض، فإن عضو الجماعة المجاهدة ينبغي أن يتخذ التسبيح والفرض والنفل وشيجة بينه وبين الله، من حيث كونه يسبح مع جماعته، ويؤدي معها فرضه، ويجعل أعظم نفله محبتها وخدمتها والتفاني في نفع المسلمين ورعاية الخلق أجمعين”..(4)
يجعل أعظم نفله محبتها (صحبة وجماعة وذكر وصدق) وخدمتها (كل شعب الإيمان)..
وقد ضمت شعب الإيمان كل مناحي الحياة وكل أعمال المسلم المؤمن المحسن :
قال الإمام رحمه الله معرفا خصال شعب الإيمان :
–
“شعب الإيمان كما فصلها رسول الله ﷺ وأكمنها إكمانا تربويا في عدد محصور أعمال تكيف منشأ الإيمان وتصريفه إلى حكمة. وتتضمن التزكية القلبية والفرض والنفل اللذين يقربان العبد إلى ربه فيحقق فردانيته داخل الجماعة.” (5)
– “الخصال العشر –وتحت كل منها عدة شعب من شعب الإيمان- منهاج تربية، وتنظيم، وحكم، وسلوك إلى الله. تشمل كل الفرض والنفل والسنة والندب.” (6)
– “إنها مقولات خلقية روحية عملية” (7)
– “خصالنا العشر مقولات معنوية منسجمة بكونها كذلك أساس المنهاج واتجاهه وغايته” (7)
– “.. هي [الخصال العشر] لبّ الصفات الخلقية والأنماط السلوكية التي تتردد في القرآن والسنة، أرجعنا كل طائفة منها إلى أصل واحد. وكان ترتيبها اجتهادا منا مبنيا على التجربة الإسلامية التربوية الخالدة التي تبدأ دائما بالصحبة.. ” (![]()
– [شعب الإيمان] “..فضائل الإيمان، الحسية منها والمعنوية الظاهرة والباطنة” (9)
– “تشكل الخصال العشر تسلسلا تصوريا يغطي موقف الإنسان في الجماعة وموقفه من العقلانية وموقفه من الله ومن العادة، كما تغطي التربية والتأثير المتبادلين وسط الجماعة. وبإضافة معارج القوة في السلوك الإسلامي المنهاجي على مستويات الإسلام والإيمان والإحسان التي يجمعها منهاج اقتحام العقبة، نتمكن من فهم الإنسان وعمله وتجميع أحواله بعرضه على المنهاج فردا كان أو جماعة” (![]()
[نركز الٱن على : “وسط الجماعة” و “على مستويات الاسلام والإيمان والاحسان” أي الدين.. كل الدين..]
وقال في تصنيفه الشامل والمتميز لشعب الإيمان : “لم نصنف الفرائض وحدها، والسنن والمستحبات وحدها، والمحظورات والنواهي وحدها. إنما صغنا السلوك الفردي والجماعي باعتبار ما وعد الله من خير لمن أطاعه وأطاع رسوله في الأمر والنهي، ويبقى ترتيب الشريعة على حاله، فالفرض فرض وأحكامه أحكامه، والسنة والحرام والمكروه، وكل على مقتضاه.” (9)
في كلمة واحدة.. الدين اسلام وإيمان وإحسان.. والدين بضع وسبعون شعبة من شعب الإيمان.. والدين إما فرض أونفل (10)..
فالشعب هي الفرائض والنوافل التي يتم بها التقرب إلى الله واستمطار محبته…
تحذير: ما أكتبه نتيجة فهم شخصي فقط.. فأعينوني بما أفاض الله عليكم به من علم.. وقوموني إن أخطأت.. فالدين النصيحة..
_______________________
1. جعلنا كلمة “أركان” بين هلالين لأنها مفردة لم ترد في حديث شريف وانما استعملها العلماء
2. الخصال العشر هي : (1) الصحبة والجماعة، (2) الذكر (3) الصدق، (4) البذل، (5) العلم، (6) العمل، (7) السمت، (
التؤدة، (9) الاقتصاد، (10) الجهاد.
3. رواه البخاري
4.الإسلام غدا” للإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله – ص. 810
5. “شعب الإيمان” للإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله – ص 15
6. المنهاج النبوي ص 124
7. “الإسلام غدا” للإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله – ص. 43
8. نفسه- ص ص. 44-45-46 [كلمة “تجميع” ترجمة لكلمة Totalisation]
9. المنهاج النبوي ص 125
10. الحرام ليس من الدين والمكروه مختلف فيه.. ويسمى المندوب مستحبًا وسنة ومسنونًا ونفلاً..
