“الجنة ممنوعة علينا ما لم نتحابَّ في الله، وهو تحاب يلقيه الله على هذه الأمة المرحومة، على المؤمنين المتقين، يتذوقونه وتحلو الحياة به وهي مرة. “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد! إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” كما روى ذلك الشيخان عن النعمان بن بشير مرفوعا.
وروى مسلم وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تومنوا، ولا تومنوا حتى تحابوا. أوَلاَ أدلكم على شيء إن فعلتموه تحابَبْتم؟ أفشوا السلام بينكم”. إفشاء السلام سبب ظاهر إذا اقترن بالأسباب الأخرى فاجتمعت القلوب على طاعة الله، والوفاء بالعهود، والتحزب لله، ونصرة دين الله، واتباع سنة رسول الله حصل المقصود، فتراص الصف كالبنيان، واستقرت أعضاء الجسد الواحد، وتضامنت وتعاونت. فثبت خير الدنيا بحياة الإيمان الجماعي وثبت خير الآخرة بإيمان التحاب في الله. وهنا نضع الأصبع على مفصل، بل موصل، من أهم مواصل بناء الجماعة، بل هو أهمها إطلاقا: ألا وهو التواصل القلبي. الصحبة في الله المؤدية إلى جماعة في الله هي مبدأ الحركة ووسطها ومعادُها. وكل ذلك رزق يُلقيه الله عز وجل على المرحومين، له علائم ظاهرة، وأسباب مشروعة، وحكمة ورحمة يضعها الله في قلوب العباد.”
من كتاب الإحسان -الجزء الأول-الصفحات 187 إلى 192-
