هياكل التنظيم ومجالسه، وأجهزته: كل ذلك جسم التنظيم وحسه وليس روحه ومعناه..
“الولاية بين المؤمنين (…) ما هي رباط خارجي، وحركة أجسام في مجالس، وأوراق وأرقام في مكاتب وأجهزة.
الولاية قرب ونصرة وجهاد. والجهاد يقتضي سياسة قلوب المؤمنين وعقولهم وجهودهم بما يضمن لكل منهم نيل رضى الله عز وجل، ويضمن للأمة العزة بالله ورسوله، ويضمن لدين الله وكلمته الظهور على الدين كله.
إذا كان المؤمنون جواهر نفيسة كل منهم على حدة فإنهم إن انتظموا في عقد ازدادوا نفاسة. ونسمي الروابط المعنوية التي تكون روح التنظيم نواظم لقرب المبنى بين كلمة تنظيم وكلمة نواظم. فلا تنظيم إلا بنواظم.
وإن عمدنا -ومن هنا نبدأ وإليه نعود- إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمله وتربيته نجد أن تنظيمه صلى الله عليه وسلم وتربيته لم تكن ربط الرجال بروابط خارجية فقط، بل كان أصحابه جماعة عضوية، يألم بعضهم لألم بعض، وينصر بعضهم بعضا على الحق، في جادة الجهاد الطويلة الصاعدة عبر العقبة إلى الله.
قال صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسم إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» رواه الإمام أحمد ومسلم عن النعمان بن بشير.
فجماعة المسلمين بناء عضوي، ظهر في هذا الحديث الشريف خاصية من خصائصه وهي المحبة في الله والتعاون والتراحم. وفي كتاب الله عز وجل وسنة رسوله خاصيتان أخريان تضافان إلى هذه. فيكتمل البناء العضوي القادر على التعاطف والتفاهم والعمل الجهادي الجماعي.
هي ثلاث نواظم:
١. الحب في الله،
٢. والتناصح والتشاور في الله،
٣. والطاعة لله ولرسوله ولأولي الأمر.
ثلاث نواظم لا تقوم إحداها مقام الأخرى، ولا يقوى جسم إسلامي على جهاد إسلامي إلا بها.
فإن بقينا -ونحن نبقى لا نستبدل- مع الجسد كما مثل الحبيب صلى الله عليه وسلم، فيتراءى لنا أن جسم الجماعة المجاهدة يتكون من لحم ودم ومن هيكل عظمي ثم من سائر الأجهزة من مخ وعصب وما سواهما.
فالمحبة في الله في نظرنا لحم الجسد ودمه…” ١
١ من كتاب المنهاج النبوي -صفحات 80-82-
