“.. من رُزق في الدنيا من المؤمنين تحابا خاصا عميقا كان له في الآخرة مكانة خاصة. يقول الله تعالى يوم القيامة: “أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظِلُّهم تحت ظلِّي يوم لا ظل إلا ظلِّي”. أخرجه مسلم ومالك في الموطإ عن أبي هريرة مرفوعا.
ومن أحب قوما حشر معهم. فانظر يا غافل من يسكن في فؤادك حبّه. روى الشيخان وغيرهما عن أنس أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة فقال: “متى الساعة؟ قال: “وما أعددت لها؟” قال: لاشيء، إلا أني أحب الله ورسوله. قال: “أنت مع من أحببت”. قال أنس: فما فرحنا بشيء فرَحَنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “أنت مع من أحببت”. قال أنس: فأنا أحب النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل أعمالهم”.
ونحن يا مُولِي النعَمِ ومُفيض الكرم نحمدك على حبنا إياهم ونَفْرح، زدنا حبا لك ولرسولك ولأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، واهد إخواننا الشيعة لتوسيع ما ضيقوه على أنفسهم حِرمانا وتعنُّتا.
يا غافل! هذا عمرك يتصرَّم! فماذا أسست من صداقات، وماذا بنيت لآخرتك من معارف، وما شَغَفَ قلبك من أحباب؟ أنت مع أولئك يوم القيامة، وأنت من ذلك الصنف أيا كان. “فالأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف” كما روى مسلم وأبو داود عن أبي هريرة مرفوعا.
اهرُب من قرناء الغفلة، وارْتَمِ في أحضان قوم صالحين، وابك على ربك ليرزقك محبتهم، عسى أن تنجوَ من وَرطة الانحشار في زمرة الهالكين. فإن حب الصالحين يُثمر حب الله، وحب الله يثمر حب الصالحين قال الغزالي: “إن حب الله إذا قوي أثمر حب كلِّ من يقوم بحق عبادة الله في علم أو عمل، وأثمر حب كل من فيه صفة مرْضية عند الله من خُلُق حسن أو تأدب بآداب الشرع”. (الإحياء ج 2 ص 154)”١
اللهم احشرني مع من أحب..
اللهم اللهم اللهم آمين..
١ كتاب الإحسان -الجزء الأول-الصفحات 187 إلى 192-
