عندما بدأنا سلسلة نصائح في تدبير المؤسسات كانت نيتنا الأولى والأخيرة : المساهمة في إعداد قوة المسلمين الذين يعيشون الٱن -إلا استثنائين أوثلاث- في دول متأخرة اقتصاديا واجتماعيا.. دول تفتقر بالخصوص إلى المهارات التسييرية على كل الأصعدة :
– حكوماتٍ
– ومقاولات
– وأحزابا
– وجمعيات غير حكومية
– وتجارا وحرفيين
– وأرباب أسر
– وأساتذة ومعلمين ومفتشين..
والتسيير علم لا ندعي امتلاكه أو ضبطه.. لأنه كباقي العلوم تزكيه التجربة.. والنتائج..
وقد بدأنا بالفعل في “فقه الريادة” في جمع بعض ارباب المقاولات وتعريفهم بمبادئ التسيير وحثهم على البحث والتطبيق اليومي لما يتعلمون.. وقياس النتائج..
ولقد ناقشنا إمكانية تغيير اسم السلسلة “نصائح..” حتى لا يظن أحد أنه اسم يوحي بالأستاذية -معاذ الله-… فرأينا أن نتركه لشرفه أولا لأنه من الدين.. (الدين النصيحة).. ولأن النصح يكون لله.. جل جلاله.. ولرسوله.. الذي يقبله.. فكيف لا يقبله غيره..
الأصل البحث عن سماع النصح.. حتى وإن كان فيه ما ليس صائبا.. حتى وإن لم يُعمل به..
وثاني الأهداف هو أن نزكي من تخصص وتجربة 30 سنة بإخفاقاتها ونجاحاتها.. عملا بحديث رسول الله ﷺ: : “من سُئل عن علمٍ فكتمه ألجمه اللهُ بلِجامٍ من نارٍ يومَ القيامةِ’ (أخرجه أبو داود في صحيحه، والترمذي، وابن ماجه، وأحمد).
ونعلم أن من الناس من لن يعجبه بعض ما نقوله ربما لأنه سيرى أن طريقة تسييره مستهدفة من خلال الأمثلة الواقعية التي تدفعنا للكتابة.. أكانت الأمثلة في المقاولة أو في العمل التطوعي.. أو لعدم معرفته بهذه العلوم التي وصّى به الإمام المجدد.. والتي نعتبر كتاب “المنهاج النبوي” أهم مراجعها.. كيف ولا وهو تفصيل لما يجب أن يرنو إليه تسيير الأرض وإمامتها.. اتباعا لطريقة تسيير أكبر القادة في التاريخ : أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام…
فلا يأخذنّ أحد من المقاولين للشباب أو الشيوخ أو الفاعلين المجتمعيين أو السياسيين ما نقوله على أنه نقد عام من أجل النقد أو التنقيص -معاذ الله-.. بل إن رأوا فيه نقدا فهو نقد لبعض الممارسات من أجل البناء..
نقد الذات خير طريق لتطويرها.. وكما يقول الواثقون في أنفسهم لثقتهم في الله : الحمد لله أن بعث لي من يهدي لي عيوبي..
وأكتب مباشرة على الهاتف دون تنميق للكلمات يقينا مني أن النسخة الأولى هي الأصدق والأوفى.. فما في القلب يجري به القلم.. ولولا هذه القاعدة ما كتبنا.. فليست الكتابة لنا حرفة ولا صنعة ولا هدفا في ذاتها.. فاعذروا بعض الصيغ إن كان فيها لبس أو متشابهات.. وارشدونا لتصويبها..
ولكم نشعر بالسعادة كلما شاركنا ما جدٌ في علوم الإدارة والتنظيم وبعض أخطاء المسيرين حتى لا يقع فيها إخواننا.. وأشعر شخصيا -مع كل حلقة- بأن حملا كببرا ينزاح من على كاهلي كلما أخرجت لإخواني نتاج ما درست وعملت سنين طويلة.. وأشعر أن ما كنت أحسبه حياة موازية لحياتي الدعوية قد أصبح -بهذه المشاركة وهذا الهدف -هدف تقوية الأمة- ضمن حياتي الدعوية..
إنجماع.. حياتين..
الحياة العملية والحياة الدعوية..
كنت أظنهما متوازيتين.. لولا أن خصال المنهاج جمعتهما.. (خصلة العمل.. شعبة التكسب.. مثلا..)..
وما زالت هذه اللاييكية حاضرة في ذهن بعض الناس…
ولقد سعدنا بعدد الأشخاص الذين طلبوا الكتب الثلاثة حول الاستراتيجية والتسيير والريادة.. (وهو اختصار سنوات من القراءة في 3 كتب فقط*.. 5 إذا ما أضفنا اقتراحي أخي هشام شرنوبي**.. حتى لا يضيع إخواني وقتهم في قراءات لا يقع عليها إجماع.. فهذه الكتب من أحسن ما قرئ وأكثر ما بيع وأقل ما تظهر فيه رواسب الجاهلية) ليقتحموا هذا العالم وليقرأوا المنهاج النبوي ويكتشفوا عظمته بعين المقارنة.. بعد عين المحبة.. ومعها…
وفي الأخير نهيب بكل متخثص في مجال معين أن يشارك معنا ما ينفع المؤمنين وما يقوي الدعوة في اختصاصه..
ونأمل أن يبعث الله رجالا أكفاء في الميدان ينسونكم بكتاباتهم وتداريبهم ما نتلعثم به هنا..
والصلاة والسلام على رسول الله وٱله وصحبه وإخوانه .
ونسألكم الدعاء…
___________________
* الكتب الثلاثة :
. “من جيد إلى عظيم” لجيم كولنز
. *استراتيجية المحيط الأزرق”
. “السر : ما يعرفه القادة وكيف يعملون” لكنث بلانشارد ومارك ميلر
** الكتابان :
. “من حرك جبنتي”
. “مدير الدقيقة الواحدة” لكنث بلانشارد