حين نكتب فإننا لا نعترض على أخذ الحكمة الإنسانية -ما دامت حكمة- في أي مجال من مجالات الحياة المادية (كالعلوم الكونية والصناعة والاختراع.. ) لكن حين يمس الأمر الروح.. فلا دروس ننتظرها ممن لا يستطيعون سبر أغوار النفس البشرية.. بله فهمها.. بله “تنميتها”..
هي مسألة تخصص :
إنه علم العارفين بالنفس البشرية.. العارفين بالله خالق النفس البشرية : انبياء وأولياء..
قوم تزيد المناسك من قيام وطهارة وحج وطواف وباقي شعب الإيمان من نورانية تفكيرهم ما لا يستطيعه غيرهم.. وأنى لهم : ففاقد الشيء لا يعطيه..
لا نأخذ علما من أناس لا يتطهرون.. لا بمعنى النظافة الحسيّة فقط.. بل بمعنى مناسك التقرب من الله.. من وضوء وطهارة بشكل محدد وأعداد معينة وصلاة وذكر ونوافل..
وليس هذا تشدد “رجال دين”.. فلسنا رجال دين..
إنما نبيع “طريقا واحدا”.. لا طريق غيره : المنهاج النبوي لبناء الإنسان.. لتنمية الإنسان..
وليس هذا حكما “طوطاليطاريا” ولا “إقصائيا”..
قال صاحب “المنهاج النبوي” عن “المنهاج النبوي” :
“إنه طريق واحد” *
“طريق واحد”..
“إنه طريق واحد يسمو به العبد إلى الوقوف، بل السجود، بين يدي ربه متذللا مطيعا باذلا ماله ونفسه في الله، وتسمو به الأمة من كبوتها، واستعباد الأعداء لها في الأرض، و ذلتها في نفسها، وتخلفها الحضاري والاقتصادي والعسكري، إلى حيث تنال شرف وراثة من خاطبه الله في هذه الآية من سورة المائدة بأن يحقق هيمنة القرآن على كل فكر، وأمر الله على كل أمر، و حاكمية الله على كل حاكمية”..*
ٱية سورة المائدة الثامنة والأربعون المشار إليها : { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً }.
قد يخجل البعض من ذكر هذه الطريق الواحدة..
وقد يشك البعض..
ويخاف البعض..
ويستصغر البعض نفسه أمام “منظرين” لا قوة في كتبهم إلا أن بلدانهم قوية مصنعة..
نحلة غالب.. حقر نفسه.. أمام ضوء غرب.. في غروب..
نقول مشيدين بهذا “الطريق الواحد” :
“نحن قوم أعزَّنا الله بالمنهاج النبوي، فمهما ابتغينا العزَّة في غيره أذلَّنا الله”..
مافرّطت الخصال العشر -أي شعب الإيمان البضع والسبعين- في شيء من مناحي الحياة.. من تكسّب وصلاة وزواج وفرائض ونوافل وعلم واستراتيجية وتسيير..
لا التفات أبدا..
سلعتنا غالية .. غير مسبوقة..
فلا نبيع سلعة الٱخرين..
فهي كاسدة .. ولو بعد حين..
لأنها ببساطة “ليست الطريق”..
لأن الطريق ببساطة.. “واحد”.. أحد..
أحد.. أحد..
أحد.. أحد..
وإن قوي الٱخرون.. لحين..
وإن أعجبنا كثرة الخبيث.. وزينته..
فلنحرر بلالنا..
كما كان بلال حرا قويا… في قمة الضعف الظاهر..
________________________________________
*المنهاج النبوي ص 7 و 8..
