منى – موسم الحج 1429 هـ – 2008 م
أخذ الحجاج المغاربة قسطا من الراحة تحت خيام منى في أول أيام التشريق.. بدأ التعارف.. ثم تعمق مع الأيام التي تلت.. كان الراوي منهمكا في قراءة كتاب “التشويق إلى البيت العتيق”.. عسى تذكي نفحة من سير الصّالحين التي يقرأها همته المنهكة فينهض ينافس الرجال في تقواهم وتعظيمهم لشعائر الله..
في أحد تلك الأيام.. بادره أحد الحجاج المغاربة وكان قد أشرف على ختم الكتاب الذي بين يديه..
كان الحاج من نفس جماعته لكنهما تعارفا لأول مرّة هناك في الحجاز..
أسر له –من بين ما حكى له من لطائف منن الله عليهم في الحج والعمر- أنه تعرف في المدينة المنورة إلى رجل مجاور لرسول الله ﷺ.. ولي صالح.. شهد بعض كراماته عيانا..
كان الشيخ الشامي وضيء الوجه.. من بين كرامات الله عليه أنه كان يسمع -أحيانا- رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على سلامه كما حكى عنه بعض أئمة بالشام..
توطدت العلاقة بين الشيخ والرجل المغربي الذي كان يحج بيت الله أو يعتمر كل سنة تقريبا..
أهدى المغربي الشامي كتابا بعنوان “الإحسان” من تأليف شيخه.. وعندما تناوله بكلتي يديه، وأدار دفّته.. نظر إلى صورة مؤلّفه مليّا.. ثمّ قبّلها..
ثم نظر إلى الحاج وقل له : أنا هنا انتظرك منذ 27 سبع وعشرين سنة !”
في اليوم الذي تلا هذا اللقاء.. وبشكل استثنائي.. غاب مجاور رسول الله ﷺ عن الأنظار أياما..
ولمّا رجع الولي والتقى بالمعتمر المغربي.. قال له “أبلغ سلامي إلى شيخك.. وقل له : “اني معه ، واساله ان يأذن لي ان ادعو الى طريقه “
ثمّ أضاف : “إنكم قد تقرؤون هذا الكتاب كما قد يقرأه الناس.. لكننا نحن نقرأ بين أسطره ما لا يراه النّاس”..
استغرب المستمع وأراد معرفة المزيد..
إذ كيف لرجل في شرق الأرض الأوسط أن يحب رجلا في مغربها الأقصى فيقبل صورته ولما يتقابلا.. ولما يتهاتفا ؟
وأنّى لهما.. فالعارف المغربي محاصر في بيته ممنوع من السفر وممنوع من الحج..
لكن أكثر شيء حير المستمع هو ما قاله مجاور رسول الله للحاج المغربي حين قابله :
” انا هنا انتظرك من 27 سنة”..
غريب.. فهو لم يره من قبل..!!
(يتبع)
