توالت زيارات الشاب الإيراني “عبد الكريم” لي في المعتكف النبوي لمحاولة “تشييعي”.. لم تكن حججه بالتي تقنع أحدا.. بل كانت استمالات عاطفية حزينة من الماضي الأليم.. أو تكلفا لغويا واضحا.. أو تذكيرا بظلم حكام السنة -وهم فيه سواء-.. لكن تشبته بمهمته الدعوية.. ومحاولته تمرير ما لا يمر.. جعلني أفكر في خجلنا في الدعوة للإسلام على منهاج النبوة.. مع أن حججنا أسلم وأكمل..
نعم خجل وبعض خوف..
واتحدث عن نفسي أولا.. فإني “ما اجتزت النهر بعد.. ولا جفت قدماي.. “.. كما يقول أهل بلدي..
أم هو الشك ؟
أم طول الأمد.. في انتظار حدث ما… ؟
في آخر لقاء لنا قبل أن يعود “ليستدعيني”.. للغذاء.. قلت لعبد الكريم “كل شيء”..
نعم “كل شيء”.. وإلا كنت كمن يشك في ما هو فيه من خير.. فيمنعه عن خلق الله..
حدثته عن “إمامي” العالم الفقيه.. وبأنه مجدد القرن الخامس عشر.. بل مجدد الخلافة الثانية على منهاج النبوة.. التي لا ثالثة لها.. وأن الله فتح له فأفهم آيات القرآن المؤصلة لمنهاج الأنبياء.. وأنه جمع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المبينة لشعب الإيمان على غير تصنيف المحدثين.. بل رتبها وفق طريق يمكن الإنسان في كدحه إلى ربه ليلاقيه.. أن يمر من إسلامه الموروث بشعبه الخمسة (الشهادتان والصلاة والصيام والزكاة والحج).. إلى إسلام الإيمان بشعبه البضع والسبعين (ومن بينها الشعب الخمسة الأركان) وأن هذا الترتيب -تربية وتنظيما- لم يسبقه إليه أحد.. وبهذا يكون مجددا حقا.. والتراث المكتوب بيننا.. لمن أراد المقارنة..
حتما حدث الشاب مراجعه بهذا الكلام.. فهيؤوا لي ما يربكوني به.. والله ولي التوفيق..
بعد أن رفضت الانسياق إلى التقسيم الذي يحبه الشيطان : “سنة-شيعة”.. ليصور لنا إبليس المفرق أن الهوة لا قرار لها.. وأنه لا توحيد يرتجى..
لم يكن جوابي بأي لست سنيا.. ولا شيعيا.. تكتيكا.. لأنني فعلا “من المسلمين” فقط لا غير..
محجة لاحبة.. استراتيجية..
بعد ذلك أخرج العالم الشيعي صورة الإمام المجدد.. (وهي على بطاقة وزعها إخوان سنين من قبل.. أذكر هذه التفاصيل حتى يرى إخواني نتيجة عملهم.. جزاهم الله).. ثم قال لي :
– أخبرنا أخونا عبد الكريم أنك تحب شيخك كثيرا
فأجبت لأوضح لهم أننا لسنا متصوفة.. إنما.. مسلمون فقط.. بلا نعت زائد..:
– هو “ولي مرشد”.. “إمام” مجدد.. لا “شيخ” بالمعنى الصوفي.. فنحن لسنا صوفية.. (كذلك)..
ثم أضاف :
– وما سر تعلقك الشديد به ؟
هنا حضر توفيق الله بقوة -وما إخاله كان غائبا لحظة والحمد لله- .. فأجبت -وأنا أشير بعيني إلى الصورة التي في يد مخاطبي- :
– ” هو من آل بيت رسول الله ﷺ ! “..
فارتبك الرجل بشكل باد للعيان.. وبدأوا ينظرون إلى بعضهم نظرات استغراب وتساؤل جدي.. وكأني ما عدت معهم…
(يتبع)
